فِي الْأَصْلِ كَانَ الْكَلِمَةُ. وَكَانَ الْكَلِمَةُ عِنْدَ اللهِ. وَالْكَلِمَةُ هُوَ ذَاتُ الْإِلَهِ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ عِنْدَ اللهِ. بِوَاسِطَتِهِ خَلَقَ اللهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يُخْلَقْ شَيْءٌ. فِيهِ الْحَيَاةُ، وَحَيَاتُهُ هِيَ النُّورُ الَّذِي يَهْدِي النَّاسَ. وَالنُّورُ يُشْرِقُ فِي ظَلَامِ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَالظَّلَامُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُطْفِئَهُ.كَانَ رَجُلٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ اسْمُهُ يَحْيَى، جَاءَ بِقَصْدِ الشَّهَادَةِ، لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ جَاءَ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. فَالنُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ كَانَ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ.وَأَتَى إِلَى الْعَالَمِ، وَمَعَ أَنَّ الْعَالَمَ خُلِقَ بِوَاسِطَتِهِ، لَكِنَّ أَهْلَ الْعَالَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. جَاءَ إِلَى شَعْبِهِ، لَكِنَّ شَعْبَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ. أَمَّا الَّذِينَ قَبِلُوهُ، أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ، فَأَعْطَاهُمُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَصِيرُوا أَبْنَاءَ اللهِ، لَا لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا مِنْ بَشَرٍ، وَلَا بِقَرَارٍ بَشَرِيٍّ، وَلَا عَنْ رَغْبَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ مِنَ اللهِ.وَالْكَلِمَةُ صَارَ بَشَرًا، وَعَاشَ بَيْنَنَا. وَرَأَيْنَا جَلَالَهُ، الْجَلَالَ الَّذِي لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الِابْنُ الْوَحِيدُ لِلْأَبِ، وَهُوَ مَمْلُوءٌ بِالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ. شَهِدَ لَهُ يَحْيَى فَهَتَفَ: ”هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: ’يَجِيءُ بَعْدِي وَيَكُونُ أَعْظَمَ مِنِّي لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ قَبْلِي.‘“ وَنَحْنُ كُلُّنَا نِلْنَا مِنْ غِنَى نِعْمَتِهِ بَرَكَةً بَعْدَ بَرَكَةٍ. لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ أُعْطِيَتْ بِوَاسِطَةِ مُوسَى، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَقَدْ جَاءَا بِوَاسِطَةِ عِيسَى الْمَسِيحِ. لَا أَحَدَ رَأَى اللهَ أَبَدًا. لَكِنَّ الِابْنَ الْوَحِيدَ الَّذِي بِجِوَارِ الْأَبِ، هُوَ أَخْبَرَ عَنْهُ.
© International Sharif Bible Society, 2016