لِأَنَّ رِسَالَةَ الصَّلِيبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْهَالِكِينَ هِيَ غَبَاءٌ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَنَا نَحْنُ النَّاجِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ. لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ”سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ، وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ.“ فَأَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْفَقِيهُ؟ أَيْنَ فَيْلَسُوفُ هَذَا الزَّمَانِ؟ لَقَدْ جَعَلَ اللهُ حِكْمَةَ هَذِهِ الدُّنْيَا جَهَالَةً!لِأَنَّ اللهَ فِي حِكْمَتِهِ، قَصَدَ أَنْ يَعْرِفَهُ النَّاسُ لَا عَنْ طَرِيقِ حِكْمَتِهِمْ. بَلْ شَاءَ أَنْ يُنْقِذَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ عَنْ طَرِيقِ الْبِشَارَةِ الَّتِي يَعْتَبِرُ الْبَعْضُ أَنَّهَا غَبَاءٌ. لِأَنَّ الْيَهُودَ يَطْلُبُونَ مُعْجِزَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يُرِيدُونَ حِكْمَةً. لَكِنَّنَا نَحْنُ نُبَشِّرُ بِالْمَسِيحِ الَّذِي ضَحَّى بِنَفْسِهِ عَلَى الصَّلِيبِ. وَهَذَا مُشْكِلَةٌ كَبِيرَةٌ لِلْيَهُودِ، وَغَبَاءٌ لِلْآخَرِينَ. أَمَّا لِلَّذِينَ دَعَاهُمُ اللهُ، يَهُودًا كَانُوا أَوْ غَيْرَ يَهُودٍ، فَهُوَ الْمَسِيحُ قُوَّةُ اللهِ وَحِكْمَةُ اللهِ. فَمَا يَبْدُو أَنَّهُ غَبَاءٌ مِنَ اللهِ، هُوَ أَحْكَمُ مِنْ حِكْمَةِ النَّاسِ. وَمَا يَبْدُو أَنَّهُ ضَعْفٌ مِنَ اللهِ، هُوَ أَقْوَى مِنْ قُوَّةِ النَّاسِ.تَذَكَّرُوا يَا إِخْوَتِي كَيْفَ كُنْتُمْ لَمَّا دَعَاكُمُ اللهُ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمْ كَثِيرُونَ حُكَمَاءُ حَسَبَ حِكْمَةِ الْبَشَرِ، وَلَا كَثِيرُونَ عُظَمَاءُ أَوْ مِنْ أَصْلٍ شَرِيفٍ. بَلِ اخْتَارَ اللهُ الَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمُ الْعَالَمُ جُهَلَاءَ لِيُخْجِلَ الْحُكَمَاءَ، وَالَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمُ الْعَالَمُ ضُعَفَاءَ لِيُخْجِلَ الْأَقْوِيَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ الْوَضِيعِينَ وَالْمُحْتَقَرِينَ وَمَنْ هُمْ لَا شَيْءَ فِي نَظَرِ الْعَالَمِ، لِيُبِيدَ مَنْ يَعْتَبِرُهُمُ الْعَالَمُ أَنَّهُمْ شَيْءٌ، لِكَيْ لَا يَفْتَخِرَ أَحَدٌ أَمَامَ اللهِ. فَأَنْتُمْ تَنْتَمُونَ لِلْمَسِيحِ عِيسَى بِفَضْلِ اللهِ، لِأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ حِكْمَتَنَا. وَاللهُ هُوَ الَّذِي بِوَاسِطَةِ الْمَسِيحِ اعْتَبَرَنَا صَالِحِينَ وَخَصَّصَنَا لَهُ وَفَدَانَا. إِذَنْ كَمَا يَقُولُ الْكِتَابُ: ”مَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَخِرَ، فَلْيَفْتَخِرْ بِالْمَوْلَى.“
© International Sharif Bible Society, 2016